الإمام ناصر محمد اليماني
05 - 04 - 1431 هـ
21 - 03 - 2010 مـ
28 : 11 PM
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيان المُبكي
لأعين أحباب الله ورسوله والمهدي المنتظر..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه
{إِن الْلَّه وَمَلَائِكَتَه يُصَلُّوْن عَلَى الْنَّبِي يَاأَيُّهَا الَّذِيْن آَمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْه وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْما (56)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [الأحزاب]
وَيَا مَعَشّر الْمُسْلِمِيْن يَا أَحْبَاب رَب الْعَالَمِيْن وَرَسُوْلَه وَالْإِمَام الْمَهْدِي لَقَد حَيَّرَنِي إِعْرَاض الْمُسْلِمِيْن عَن الْدَّعْوَة إِلَى الإِحْتِكَام إِلَى كِتَاب الْلَّه الْقُرْآَن الْعَظِيْم بِرَغْم أَنَّهُم جَمِيْعَا بِه مُؤْمِنُوْن وَمِن ثَم تَذَكَّرْت حَبِيْب قَلْبِي وَقُرَّة عَيْنِي وَأُحِب الْنَّاس إِلَى نَفْسِي جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم فِي بَدْء نُزُوْل الْقُرْآَن الْعَظِيْم الَّذِي لَم يَكُن يُؤْمِن بِه أَحَد مِن الْعَالَمِيْن كَوْنِه كِتَاب جَدِيْد مِن رَّب الْعَالَمِيْن وَمَا كَان قَوْل قَوْمِه إِلَا أَن قَالُوْا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّل عَلَيْه الْذِّكْر إِنَّك لَمَجْنُوْن (6)}
صدق الله العظيم [الحجر:6]
فَكَم وَكَم آَذَوْا جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه إِذَى عَظِيْما خُصُوْصَا بَعْد مَوْت عَمَّه أَبُو طَالِب رَحِمَه بِرَحْمَتِه إِن رَبِّي عَلَى كُل شَيْء قَدِيْر وَمِن بَعْد مَوْت أَبُو طَالِب اشْتَد أَذَى الْمُشْرِكِيْن كَوْنِه قَد مَات أَبُو طَالِب الَّذِيْن كَانُوْا يَخْشَوْنَه وَكَان يُصَلِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم بِالْمَسْجِد الْحَرَام وَجَاء أَحَد الْمُشْرِكِيْن الْكُبَار يَنْهَى جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم عَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام كَوْنِه لَا يُصَلِّي لِآلهَتم بَل يُصَلِّي يَسْجُد لِرَبِّه وَيَقْتَرِب إِلَيْه
وَلِذَلِك نَزَل قَوْل الْلَّه تَعَالَى:
{أَرَأَيْت الَّذِي يَنْهَى (9) عَبَدا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْت إِن كَان عَلَى الْهُدَى (11) أَو أَمَر بِالْتَّقْوَى (12) أَرَأَيْت إِن كَذَّب وَتَوَلَّى (13) أَلَم يَعْلَم بِأَن الْلَّه يَرَى (14) كَلَّا لَئِن لَّم يَنْتَه لَنَسْفَعَن بِالْنَّاصِيَة (15) نَاصِيَة كَاذِبَة خَاطِئَة (16) فَلْيَدْع نَادِيَه (17) سَنَدْع الْزَّبَانِيَة (18) كَلَّا لَا تُطِعْه وَاسْجُد وَاقْتَرِب (19)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [العلق]
وَمَن ثُم عَاد مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم لِلْصَّلاة كَعَادَتِه فِي الْمَسْجِد الْحَرَام مِن بَعْد أَن مَنَعَه عَدُو الْلَّه مَن كَان مِن أَكَابِر الْمُشْرِكِيْن حَتَّى إِذَا عَلِم عَدُو الْلَّه أَن مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم عَاد لِلِصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَعَدُو الْلَّه قَد نَهَاه عَن ذَلِك وَعَلِم عَدُو الْلَّه بِأَن مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه عَاد لِلِصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَهُو قَد نَهَاه عَن ذَلِك وَمِن ثَم جَاء عَدُو الْلَّه بفَرْث الْجَزُور وَمُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم كَان سَاجِدَا لِرَبِّه فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَن ثُم أَلْقَى بِفَرْث الْجَزُور عَلَى رَأْسِه وَهُو سَاجِد عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام وَلَكِن جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم تُذَكِّر أَمْر الْلَّه إِلَيْه :
{كَلَّا لَا تُطِعْه وَاسْجُد وَاقْتَرِب}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [العلق]
وَمَن ثُم طُوِّل جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه فِي الْسُّجُود بَيْن يَدَي رَبِّه وَهُو يَتَقَرَّب إِلَيْه بِالْعَفْو عَن قَوْمِه وَيَقُوْل:
(الْلَّهُم اغْفِر لِقَوْمِي فَإِنَّهُم لَا يَعْلَمُوْن)
وَلَكِنَّه اشْتَد إِيْذَاء الْمُشْرِكِيْن يَوْمَاً بَعْد يَوْم فَكَانُوْا يُؤْذُوْن جَدِّي مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم وَيُعُذَّبُوا مَن صَدَّقَه فَاتَّبِعْه حَتَّى ضَاق بِه الْحَال عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام وَمِن ثَم قُرِّر أَن يُهَاجِر إِلَى الْطَّائِف عَلَّه يَجِد مِن يُصَدِّقُه وَيَنْصُرُه وَيَشُد مِن أُزُرِه فِي الْطَّائِف وَلَكِنَّه بِمُجَرَّد مَا وَفْد إِلَى الْطَّائِف وَبَدَأ يَدْعُوَهُم فِي نَادِيْهِم وَمَكَان تَجْمَعُهُم فَإِذَا هُم يَقُوْلُوْن:
أَلَسْت مُحَمَّد مَجْنُوْن قُرَيْش لَقَد سَمِعْنَا بِك مِن قَبْل أَن تَأْتِيَنَا يَامَن تُذَكِّر آَلِهَتِنَا بِسُوَء فَاذْهَب عَنّا أَيّهَا الْمَجْنُوْن وُنَهَرُوْه وَزَجَرَوْه وَطَرَدُوه مِن مَجْلِسِهِم وَلَم يُكْرِمُوْه حَتَّى كَرَم الْضِّيَافَة وَمَن ثُم سَمِع الْصَّبِيَّة أَن آَبَاءَهُم يَقُوْلُوْن لِهَذَا الْرَّجُل مَجْنُوْن وَمَن ثُم تَبِعُوْه الْصَّبِيَّة وَكَانُوْا يَقْذِفُوْنَه بِالْحِجَارَة وَلَكِن خَادِمُه زَيْد إِبْن حَارِثَة عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام كَان يُدَافِع عَن الْنَّبِي بِظَهْرِه بِمَعْنَى أَنَّه كَان يَجْعَل ظَهْرَه دِرْع لِلْنَّبِي حَتَّى لَا تُصِيْبُه حِجَارَة الْصَّبِيَّة وَلَكِنَّهَا أَصَابَتْه حَجَر فِي قَدَمِه الْشَّرِيْفَة فَأَدَمَتْه حَتَّى كَان يَسِيْر وَهُو يَعْرُج مِن الْأَلَم وَمَن ثُم لَجَأ إِلَى بُسْتَان كَبِيْر الْقَوْم بِالْطَّائِف وَدَخَل فِيْه فَوَجَد فِيْه حَارِسَاً طَيِّبَا مِن أَهْل الْكِتَاب فَقَادَه إِلَى تَحْت ظَل شَجَرَة وَمَن ثُم ذَهَب لِكَي يَحْضُر لَه عُنْقُود عِنَب وَأَثْنَاء عَوْدَتِه إِلَى الْنَّبِي فَإِذَا هُو يَسْمَع الْنَّبِي يَهُمُّهُم بِالْدُّعَاء وَهُو رَافِع يَدَيْه إِلَى رَبِّه يَشْكُو إِلَيْه وَكَان يَقُوْل عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام :
(الْلَّهُم أَشْكُو إِلَيْك ضَعْف قُوَّتِي وَقِلَّة حِيْلَتِي وَهَوَانِي عَلَى الْنَّاس يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن أَنْت رَب الْمُسْتَضْعَفِيْن وَأَنْت رَبِّي إِلَى مَن تَكِلُنِي إِلَى عَدُو يَتَجَهَّمُنِي أَم إِلَى أَحَد مَلَكَتْه أَمْرِي إِن لَم يَكُن بِك غَضَب عَلَي فَلَا أُبَالِي أَلَّا إِن رَحْمَتَك هِي أَوْسَع لِي وَأَعُوْذ بِنُوْر وَجْهِك الَّذِي أَشْرَقَت لَه الْظُّلُمَات وَصُلْح عَلَيْه أَمْر الْدُّنْيَا وَالْآَخِرَة لَك الَعُتْبى حَتَّى تَرْضَى)
وَمَن ثُم هَبَط بَيْن يَدَيْه رَسُوْل رَب الْعَالَمِيْن إِلَيْه جِبْرِيْل عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام وَقَال يَامُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْك وَمَلَائِكَتَه لَقَد أَمَرَنِي الْلَّه أَن أُطْبِق عَلَيْهِم الْأَخْشَبَيْن إِن شِئْت وَمِن ثَم تَبَسَّم مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ضَاحِكَا وَقَال:
(كَلَّا يَا أَخِي يَا جِبْرِيْل فَمَا دَام رَبِّي رَاضِي عَن عَبْدِه فَلَا أُبَالِي وَعَسَى أَن يَأْتِي مِن أَصْلَابِهِم مَن يَقُوْل لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه)
انْتَهَى
عَلَيْك صَلَاة الْلَّه وَسَلَامُه يَاحَبِيْب قَلْبِي وَقُرَّة عَيْنِي يَامُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْك وَآَلِك الْمُكْرَمِيْن وَسَلَّم تَسْلِيْماً ..
وَيَا أُمَّة الْإِسْلام يَا حُجَّاج بَيْت الْلَّه الْحَرَام مَا غَرَّكُم فِي الْإِمَام الْمَهْدِي الَّذِي بَعَثَه الْلَّه نَاصِرَا لِمُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم فَهَل جَاءَكُم مِن الْقَوْل مَالَم يَأْتِي مِن قَبْل
وَقَال الْلَّه تَعَالَى :
{أَفَلَم يَدَّبَّرُوٓا الْقَوْل أَم جَاءَهُم مَّا لَم يَأْت آَبَاءَهُم الْأَوَّلِيْن}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [المؤمنون]
وَيَا أُمَّة الْإِسْلام إِن الْلَّه يَعْلَم وَأَنْتُم لَا تَعْلَمُوْن وَإِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَة هُو أَن تُنِيْبُوْا إِلَى الْلَّه فِي خَلَوَاتُكُم بِرَبِّكُم وَتَخَيَّلُوْا لَو أَن الْإِمَام نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي هُو حَقّا خَلِيْفَة الْلَّه الْإِمَام الْمَهْدِي الَّذِي لَه تَنْتَظِرُوْن بِفَارِغ الْصَّبْر وَأَنْتُم عَنْه مُعْرِضُوْن فَمَا يُدْرِيْكُم لَعَل نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي مَن الْصَّادِقِيْن فَلَا تَحْكُمُوْا عَلَيْه أَنَّه كَمَثَل الَّذِيْن خَلَوْا مِن قَبْلِه مِن الْمَهْدِيِّيْن الْكَاذِبِيْن
بَل أَنِيْبُوْا إِلَى رَبِّكُم فِي جَوْف الْلَّيْل وَتَضَرَّعُوْا بَيْن يَدَيْه وَأَنِيْبُوْا إِلَيْه لَيُبْصِر قُلُوْبِكُم بِالْحَق وَقُوْلُوْا:
(الْلَّهُم إِنَّك تَعْلَم وَعِبَادِك لَا يَعْلَمُوْن سُبْحَانَك لَا عِلْم لَنَا إِلَا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّك انْت الْعَلِيْم الْحَكِيْم الْلَّهُم إِن كَان نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي هُو حَقّا خَلِيْفَة الْلَّه الْإِمَام الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر الَّذِي نَنْتَظِرُه بِفَارِغ الْصَّبْر الْلَّهُم فَبَصُر قُلُوْبَنَا بِالْحَق حَتَّى لَا يَكُوْن حَسْرَة عَلَيْنَا وَنَدَامَة فَنَعْض عَلَى أَيْدِيَنَا مِن شِدَّة الْنَّدَم لَو أَنَّنَا صَدَّقْنَاه فَتَجْعَلُنَا مَن الْمُكْرَمِيْن وَمَن صَفْوَة الْبَشَرِيَّة وَخَيْر الْبَرِيَّة الْلَّهُم إِن كَان نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي هُو حَقّا الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر فَإِنَّه فَضْل مِن الْلَّه عَظِيْم وَرَحْمَة لِلْأُمَّة فَاجْعَلْنَا مِن الْشَّاكِرِيْن أَن قَدَّرْت بَعَث الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر فِي أُمَّتِنَا وجِيْلْنا فَكَم تَمُنُّوْا الْأُمَم مِن قَبْلِنَا أَن يَبْعَثَه الْلَّه فِيْهِم وَلَكِن لَم يِحُالُفِهُم الْحَظ فَإِذَا بَعَثْتُه فِيْنَا فَقَد فَضَّلْتَنَا عَلَى الْأُمَم بِبَعْث الْإِمَام الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر فِي أُمَّتِنَا فَاجْعَلْنَا مِن الْشَّاكِرِيْن بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن الْلَّهُم عَبْدُك فِي ذِمَّتِك أَن لَا يَفُوْتَنِي الْتَّصْدِيْق بِالْحَق إِن كَان نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي هُو حَقّا الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر الْنَّاصِر لِّمَا جَاء بِه مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم فَكَيْف نُكَذِّب حَبِيْب الْلَّه وَحَبِيْب رَسُوْلِه وَنَعُوْذ بِالِلّه أَن نُكَذِّب خَلِيْفَة الْلَّه الْمَهْدِي لَو قُدِّر الْلَّه بَعَثَه فِيْنَا وَقَدَّر عْثَورَنا عَلَى دَعْوَتِه لِلْعَالَمِيْن أَن لَا نَكُوْن مِن الْسَّابِقِيْن الْمُصَّدِّقِين لِخَلِيْفَة الْلَّه الَّذِي بَشَّر بِبَعْثِه مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم)
الْلَّهُم إِنَّك قُلْت وَقَوْلُك الْحَق:
{وَقَال رَبُّكُم ادْعُوْنِي أَسْتَجِب لَكُم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [غافر:60]
وَهَا هُو عَبْدُك يَدْعُوَك مُنِيْبا إِلَيْك إِن كَان نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي هُو حَقّا الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر أَن تَجْعَلَنِي مِن الْمُصَدِّقِيْن وَمَن الْأَنْصَار الْسَّابِقِيْن الْأَخْيَار فِي عَصْر الْحِوَار مِن قَبْل الْظُّهُور بِبَأْس شَدِيْد مِن لَّدُنْك بِالْدُّخَان الْمُبِيْن يَاحَي يَاقَيُّوْم يَامَن يَحُوْل بَيْن الْمَرْء وَقَلْبِه لَا تَعْمَي قَلْب عَبْدِك وَأَمَتُك عَن الْحَق وَالْحَق أَحَق أَن يُتَّبَع يَا مَن وَسِعَت كُل شَيْء رَّحْمَة وَعِلْمِا يَامَن تَحُوْل بَيْن الْمَرْء وَقَلْبِه فَإِذَا كَان هُو حَقّا الْإِمَام الْمَهْدِي فَلِيلَين قُلُوْبَنَا بَيَانَه وَتَذْرِف أَعْيُنِنَا مِمَّا عَرَفْنَا مَن الْحَق حَتَّى تَطْمَئِن قُلُوْبُنَا أَنَّه حَقّا الْإِمَام الْمَهْدِي لَا شَك وَلَا رَيْب بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن إِنَّك قُلْت وَقَوْلُك الْحَق :
{الَلَّه يَجْتَبِي إِلَيْه مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْه مَن يُنِيْب (13)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [الشورى:12]
وبِمَا إِنِّي الْإِمَام الْمَهْدِي الْحَق فَوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيْرِه أَن مِن فَاضَت عَيْنَاه أَثْنَاء تِلَاوَة هَذَا الْبَيَان أَنَّه مَن أَحْبَاب الْلَّه وَرَسُوْلَه وَالْمَهْدِي الْمُنْتَظَر وَأَن الْلَّه سَوْف يَهْدِي قَلْبَه إِلَى الْصِّرَاط الْمُسْتَقِيْم فَكُوْنُوْا مِن الْشَّاكِرِيْن يَا أَحْبَاب رَب الْعَالَمِيْن وَأَنِيْبُوْا إِلَى رَبِّكُم لِيَهْدِي قُلُوْبِكُم وَكُوْنُوْا مِن الْقَوْم الَّذِي وَعَد الْلَّه بِهِم فِي مُحْكَم الْقُرْآَن الْعَظِيْم
فِي قَوْل الْلَّه تَعَالَى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِيْن آَمَنُوْا مَن يَرْتَد مِنْكُم عَن دِيْنِه فَسَوْف يَأْتِي الْلَّه بِقَوْم يُحِبُّهُم وَيُحِبُّوْنَه أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِيْن أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِيْن يُجَاهِدُوْن فِي سَبِيِل الْلَّه وَلَا يَخَافُوْن لَوْمَة لَائِم ذَلِك فَضْل الْلَّه يُؤْتِيَه مَن يَشَاء وَالْلَّه وَاسِع عَلِيِّم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [المائدة]
وَيَا أَحْبَاب قَلْبِي وَقُرَّة عَيْنِي ذِكْرُكُم وَالْأُنْثَى إِنِّي أُحِبُّكُم فِي الْلَّه وَأَحَب لَكُم مَا أَحَبَّه لِنَفْسِي وَأَكْرَه لَكُم مَا أَكْرَه لِنَفْسِي وَأُرِيْد لَكُم الْهُدَى وَالْنَّجَاة وَلَيْس الْعَذَاب فَكُوْنُوْا مِن أُوْلِي الْأَلْبَاب.
وَيَا أَحْبَابِي فِي حُب الْلَّه لَمَّا تُكَذِّبُوْنِي وَتَشْتُمُوْنِي وَتَلْعَنُوْنِي يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِيْن فَهَل دَعَوْتُكُم إِلَى بَاطِل فَكَيْف يَكُوْن عَلَى بَاطِل مِن يَدْعُو إِلَى عِبَادَة الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَيَأْمُر الْنَّاس أَن يَكُوْنُوْا عَبِيْدَاً لِلَّه لِتَحْقِيْق الْهَدَف مِن خَلَقَهُم فَيَتَنَافِسُون إِلَى رَبِّهِم طَمَعَا فِي حُب الْلَّه وَقُرْبِه وَنَعِيْم رِضْوَان نَفْسُه سُبْحَانَه وَتَعَالَى عُلُوّاً كَبَيْرِا وَمَا أَمَرْتُكُم أَن تُعَظِّمُونِي مِن دُوْن الْلَّه وَكَيْف تَجْتَمِع الْنُّوْر وَالْظُّلُمَات.
وَقَال الْلَّه تَعَالَى:
{مَا كَان لِبَشَر أَن يُؤْتِيَه الْلَّه الْكِتَاب وَالْحُكْم وَالْنُّبُوَّة ثُم يَقُوْل لِلْنَّاس كُوْنُوْا عِبَادَا لِّي مِن دُوْن الْلَّه وَلكِن كُوُنُوُا رَبَّانِيِّيْن بِمَا كُنْتُم تُعَلِّمُوْن الْكِتَاب وَبِمَا كُنْتُم تَدْرُسُوْن}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [آل عمران]
فَكَذَلِك تَجِدُوْن دَعْوَة الْإِمَام الْمَهْدِي نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي لَا يَقُوْل لَكُم اتَّخِذُوْنِي إِلَهاً مِن دُوْن الْلَّه وَلَكِن كُوْنُوْا رَبَّانِيِّيْن وَاعْبُدُوْا الْلَّه رَبِّي وَرَبَّكُم وَتَنَافَسُوُا فِي حُب الْلَّه وَقُرْبِه وَنَعِيْم رِضْوَان نَفْسِه فَلَمَّا تُكَذِّبُوْنِي يَا إِخْوَانِي الْمُسْلِمِيْن فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُم مِن عَذَاب يَوْم عَقِيْم فَلَا تَخَافُوَا فَلَن يَدْعُو عَلَيْكُم الْإِمَام الْمَهْدِي وَإِن نَفِد صَبْرِي وَدَعَوْت عَلَيْكُم فِي سَاعَة غَضِب فَأَرْجُو مِن رَبِّي بِحَق لَا إِلَه إِلَا هُو وَبِحَق رَحْمَتِه الَّتِي كَتَب عَلَى نَفْسِه وَبِحَق عَظِيْم نُعَيْم رِضْوَان نَفْسِه أَن لَا يَجِيْب دَعْوَتِي لِأَنَّكُم جُزْء مِن هَدَفَي الْعَظِيْم أَلَا وَالْلَّه لَا وَلَن أَفْرَط فِيْكُم فَلَا تَخْشَوُا دُعَائِي وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُم دَعْوَة أَحَد أَنْصَارِي كَمَثَل نَبِي الْلَّه لُوْط وَإِبْرَاهِيْم
فَأَمَّا نَبِي الْلَّه إِبْرَاهِيْم فَقَال :
{وَاجْنُبْنِي وَبَنِي أَن نَّعْبُد الْأَصْنَام (35) رَب إِنَّهُن أَضْلَلْن كَثِيْرا مِّن الْنَّاس فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّه مِنِّي وَمَن عَصَانِي فَإِنَّك غَفُوْر رَّحِيْم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [إبراهيم]
وَلَكِن الْلَّه أَهْلَك قَوْم إِبْرَاهِيْم بِسَبَب دَعْوَة نَبِي الْلَّه لُوْط وَلَم يُصَدِّق رَسُوْل الْلَّه إِبْرَاهِيْم عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام إِلَا نَبِي الْلَّه لُوْط
وَقَال الْلَّه تَعَالَى:
{فَآَمَن لَه لُوْط}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [العنكبوت:26]
وَمَن ثُم أَهْلَك الْلَّه الْقَوْم بِسَبَب دُعَاء نَبِي الْلَّه الْصِّدِّيق لُوْط صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم فَاسْتَجَاب الْلَّه دَعْوَة نَبِيِّه لُوْط وَأَهْلَك الْقَوْم بِمَطَر الْسُّوْء مَّن كَوْكَب الْعَذَاب،
وَكَذَلِك أَخْشَى عَلَى الْمُسْلِمِيْن مِن دَعْوَة أَحَد أَنْصَار الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر وَلِذَلِك أَقُوْل يَا أَحْبَاب قَلْبِي وَيَا قُرَّة عَيْنِي يَا مَعْشَر الْأَنْصَار الْسَّابِقِيْن الْأَخْيَار فِي عَصْر الْحِوَار مِن قَبْل الْظُّهُور سَأَلْتُكُم بِالْلَّه الْعَظِيْم رَب الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنَهُم وَرُب الْعَرْش الْعَظِيْم أَن لَا تَجْلِبُوْا إِلَى نَفَس رَبِّي مَزِيْدَاً مَن الْحَسْرَة عَلَى عِبَادِه لِأَنَّكُم إِذَا دَعَوْتُم عَلَى الْقَوْم اسْتَجَاب الْلَّه دُعَاءْكُم تَصْدِيْقا لِوَعْدِه الْحَق أَن يَنْصُرَكُم عَلَى مَن كَذِبُكُم فَيَهْلِك عَدُوِّكُم وَيَسْتَخْلِفَكُم مِن بَعْدِهِم إِن الْلَّه لَا يُخْلِف الْمِيْعَاد وَلَكِن يَا أَحْبَاب قَلْب الْإِمَام الْمَهْدِي وَالْلَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيْرُه مَا سَأَلْتُكُم بِالْلَّه أَن تَفْعَلُوَا رَحْمَة مِنِّي بِالْنَّاس بَل لِأَنِّي وَجَدْت أَن رَبِّي هُو حَقّا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن وَلَم أَجِد فِي الْكِتَاب أَن عِبَادِه يَهِنُوا عَلَيْه بِرَغْم أَنَّه لَم يَظْلِمْهُم شَيْئا سُبْحَانَه وَتَعَالَى عُلُوّاً كَبِيْرِا وَلَا يَظْلِم رَبُّك أَحَدا وَلَكِن يَا إِخْوَانِي لَو تَعْلَمُوْن كَم الْرَّحْمَن الْرَّحِيِم هُو حَقّا رَّحِيْم أَلَا وَالْلَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيْرِه أَنَّه لَا مَجَال لِلْمُقَارَنَة بَيْن رَحْمَة الْلَّه بِعِبَادِه وَرَحْمَة الْأُم بِوَلَدِهَا حَتَّى وَلَو عَصَاهَا أَلْف عَام لِمَا هَان عَلَيْه وَهُو يَصْرُخ وْبِتُعَذّب فِي نَار جَهَنَّم فَتَصَوَّرْوَا كَم حُزْنِهَا عَظِيْم وَكَم مَدَى حَسْرَتَهَا عَلَى وَلَدِهَا وَهِي تَسْمَع صُرَاخَه فِي نَار جَهَنَّم فَمَا بَالُكُم بِمَن هُو أَرْحَم مِنْهَا بِعِبَادِه الْلَّه أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن فَلَا نَزَال نُذَكّرَكُم وَنَقُوُل أَن الْلَّه يَتَحَسَّر عَلَى عِبَادِه الَّذِيْن ظَلَمُوَا أَنْفُسَهُم وَأَهْلِكْهُم بِسَبَب دُعَاء أَنْبِيَائِهِم عَلَيْهِم بَعْد أَن كَذَّبُوُا بِالْحَق مِن رَبِّهِم وَبَرَغْم أَن الْلَّه لَم يَظْلِمْهُم شَيْئا وَلَكِن بِسَبَب عَظِيْم صِفَة رَحِمْتَه فِي نَفْسِه تَجِدُوْه حَزِيْنَاً مُتَحَسِّرَاً عَلَى عِبَادِه مُبَاشَرَة فَوْر هَلْاكِهِم مِن بَعْد دُعَاء الْأَنْبِيَاء وَالْصَّالِحِيْن عَلَيْهِم
وَقَد عَلِمْتُم ذَلِك فِي قَوْل الْلَّه تَعَالَى :
{إِن كَانَت إِلَا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُم خَامِدُون يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد مَا يَأْتِيَهِم مِن رَّسُوْل إِلَا كَانُوْا بِه يَسْتَهْزِئُوْن (30) أَلَم يَرَوْا كَم أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن الْقُرُوْن أَنَّهُم إِلَيْهِم لَا يَرْجِعُوْن (31) وَإِن كُل لَّمَّا جَمِيْع لَّدَيْنَا مُحْضَرُوْن (32)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [يس]
وَلَا يَزَال الْإِمَام الْمَهْدِي يُذْكَر أَنْصَارِه بِهَذِه الْآَيَة الْمُحْكَمَة لِكَي يُصَدِّقُوْا الْلَّه فَيُصَدِّقُهُم فَيَقُوْلُوْا:
يَا إِلَه الْعَالَمِيْن لَقَد عَرَّفَنَا الْخَبِيْر بِالْرَّحْمَن عَن حَالِك فَكَيْف نَسْتَطِيْع أَن نَسْتَمْتِع بِنَعِيْم الْجنَّة وَالْحُوْر الْعَيْن وَحَبِيْبِنَا الْلَّه حَزِيْن فِي نَفْسِه وَمُتَحَسِّر عَلَى عِبَادِه هَيْهَات هَيْهَات أَن نَرْضَى حَتَّى يَكُوْن مِن هُو أَحَب إِلَيْنَا مِن الْجَنَّة وَالْحَوَر الْعَيْن الْلَّه رَب الْعَالَمِيْن رَاضِي فِي نَفْسِه لَا مُتَحَسِّرَاً وَلَا حَزِيْنَاً فَإِذَا لَم تَفْعَل فَلَمَّا خَلَقْتَنَا يَا إِلَه الْعَالَمِيْن فَهَل خَلَقْتَنَا مِن أَجْل الْجَنَّة وَحَوْرَها أَم خِلْقَتِهَا مِن أَجْلِنَا وَخَلَقْتَنِا نَعْبُد حُبَّك وَقُرْبِك وَنَعِيْم رِضْوَان نَفْسَك فَكَم نُحِبُّك يَا الْلَّه وَكَيْف يَسْتَطِيْع مَن يُحِب أَن يَكُوْن مَسْرُورَا وَهُو قَد عَلِم أَن حَبِيْبَه حَزِيْن فِي نَفْسِه حُزْنِاً عَظِيْماً..
كَلَّا وَرَبِّي لَا تَرْضَى الْنَفَس حَتَّى يَكُوْن الْحَبِيْب رَاضِي فِي نَفْسِه مَسْرُورَا وَلِذَلِك أَتَوَسَّل إِلَيْكُم يَا أَحْبَاب الْلَّه يَامَن وَعَد الْلَّه بِهِم فِي مُحْكَم كِتَابِه إِن كُنْتُم تُحِبُّوْن الْلَّه بِالْحُب الْأَعْظَم أَن تُسَاعدُوْنِي عَلَى تَحْقِيْق الْنَّعِيم الْأَعْظَم فَلَا تَدْعُوَا عَلَى الْمُسْلِمِيْن وَالْنَّاس أَجْمَعِيْن وَإِن كَان لَا بُد فَعَلَى الْشَّيَاطِيْن مَن الْجِن وَالْإِنْس تَدْعُوَن حَتَّى يَذُوْقُوا وَبَال أَمْرِهِم وَكُل يَوْم هُو فِي شَأْن سُبْحَانَه وَسِع كُل شَيْء رَّحْمَة وَعِلْمِا وَلَكِنَّهُم يَائِسُوْن مِن رَحْمَة رَبِّهِم كَمَا يَئِس الْكُفَّار مِن أَصْحَاب الْقُبُوْر وَهَذَا خَطَّأَهُم فَظَلَمُوْا أَنْفُسِهِم بِسَبَب الْيَأْس مِن رَحْمَة الْلَّه الَّذِي نَادَى عِبَادِه بِمَا فِيْهِم إِبْلِيْس وَكَافَّة عَبِيْدُه فِي الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض
وَقَال الْغَفُوْر الْرَّحِيْم :
{قُل يَا عِبَادِي الَّذِيْن أَسْرَفُوْا عَلَى أَنْفُسِهِم لَا تَقْنَطُوْا مِن رَّحْمَة الْلَّه إِن الْلَّه يَغْفِر الْذُّنُوب جَمِيْعا إِنَّه هُو الْغَفُوْر الْرَّحِيْم (53) وَأَنِيْبُوْا إِلَى رَبِّكُم وَأَسْلِمُوا لَه مِن قَبْل أَن يَأْتِيَكُم الْعَذَاب ثُم لَا تُنْصَرُوْن (54) وَاتَّبِعُوْا أَحْسَن مَا أُنْزِل إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْل أَن يَأْتِيَكُم الْعَذَاب بَغْتَة وَأَنْتُم لَا تَشْعُرُوْن (55) أَن تَقُوْل نَفْس يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْت فِي جَنْب الْلَّه وَإِن كُنْت لَمِن الْسَّاخِرِيْن (56) أَو تَقُوْل لَو أَن الْلَّه هَدَانِي لَكُنْت مِن الْمُتَّقِيْن (57) أَو تَقُوْل حِيْن تَرَى الْعَذَاب لَو أَن لِي كَرَّة فَأَكُوْن مِن الْمُحْسِنِيْن (58) بَلَى قَد جَاءَتْك آَيَاتِي فَكَذَّبْت بِهَا وَاسْتَكْبَرْت وَكُنْت مِن الْكَافِرِيْن (59)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [الزمر]
فَبِاللَّه عَلَيْكُم هَل يَسْتَطِيْع أَن يَقُوْل أَب لَأَوْلَادِه وَهُو غَاضِب غَضِبَا شَدِيْداً يَا أَوْلَادِي وَلَكِن انْظُرُوْا إِلَى الْلَّه أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن بِرَغْم غَضَبُه الْشَّدِيْد مِن عِبَادِه الْمُجْرِمِيْن يَقُوْل :
{يَا عِبَادِي الَّذِيْن أَسْرَفُوْا عَلَى أَنْفُسِهِم لَا تَقْنَطُوْا مِن رَّحْمَة الْلَّه إِن الْلَّه يَغْفِر الْذُّنُوب جَمِيْعا إِنَّه هُو الْغَفُوْر الْرَّحِيْم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [الزمر]
أَفَلَا تَرَوْن مَا أَعْظَم رَحْمَة الْلَّه الْعَظِيْم الْمُسْتَوِي عَلَى عَرْشِه الْعَظِيْم سُبْحَانَه وَتَعَالَى عُلُوّاً كَبَيْرِاً وَمَا قَدِّرُوه حَق قَدْرِه أَلَيْس رَبِّي الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه غَيْرُه يَسْتَحِق أَن نُحِبَّه أَعْظَم مِن كُل شَيْء فِي الْدُّنْيَا وَالْآَخِرَة فَهُو الَّذِي خَلَقَنَا وَصَوَّرَنَا وَيَرْزُقَنَا وَيَغْفِر لَنَا وَيَرْحَمُنَا فِي الْدُّنْيَا وَالْآَخِرَة سُبْحَان رَبِّي الْغَفُوْر الْرَّحِيْم فَهَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان فَكَيْف تَرْضَوْن بِزَيْنَه الْدُّنْيَا وَنَعِيْم الْجِنَان يَا عَبِيْد الْرَّحْمَن فَلَو تَعْلَمُوْن مَا نَحْن فِيْه مِن الْنَّعِيم لِمَا تَأْخَّرْتُم عَنْه شَيْئا إِنَّه نُعَيْم رِضْوَان الْلَّه عَلَى عَبِيْدِه فَاتَّبِعُوْا رِضْوَانَه وَتَجَنَّبُوْا سَخَطِه وَسَوْف تَعْلَمُوْن أَن رِضْوَان الّلَه هُو حَقّا الْنَّعِيم الْأَعْظَم مِن مَلَكُوْت الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة ثُم تَعْلَمُوْن وَأَنْتُم لَا تَزَالُوَن فِي الْدُّنْيَا أَن نُعَيْم رِضْوَان الّلَه عَلَى عِبَادِه هُو حَقّا الْنَّعِيم الْأَكْبَر مِن جَنَّتِه
تَصْدِيَقْا لِقَوْل الْلَّه تَعَالَى:
{رَّضِي الْلَّه عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْه ذَلِك الْفَوْز الْعَظِيْم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [المائدة:119]
وَتَصْدِيقَا لِقَوْل الْلَّه تَعَالَى:
{وَرِضْوَان مِّن الْلَّه أَكْبَر ذَلِك هُو الْفَوْز الْعَظِيْم}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [التوبة:72]
وَيَا أَحْبَاب قَلْبِي إِلَى رَبِّي لَا تَيْأَسُوْا مِن الْنَّاس مِن رَحْمَة الْلَّه مَهْمَا عَلِمْتُم مِن ذُنُوْبِهِم فَاعْلَمُوا إِن الْلَّه يَغْفِر الْذُّنُوب جَمِيْعَا فَعَظُوَهُم وَأَرْشَدُوْهُم إِلَى الْطَّرِيْق الْحَق وَأَهْدَى سَبِيْلا بِالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وَأَضْرِب لَكُم عَلَى ذَلِك مَثَلاً لِقِصَّة هِي وَقَعَت لِلْإِمَام الْمَهْدِي فِي أَحَد الدُّوَل الَّتِي تَسْمَح بِشُرْب الْخُمُور وَجِئْت مَارّا بِجَانِب مُطْعِم وَإِلَى جَانِبِه كَفْتَريّا وَيَبْدُو أَنَّهَا تَبِيْع الْخُمُور فَوَجَدْت رَجُلاً كَان ثَمْلَا جَالِساً فَوْق كُرْسِي بِجَانِب طَاوِلَة وَكَانَت الْطَاوِلَات خَارِج الْمَحَل عَلَى حَافَة الْشَّارِع وَمَن ثُم جَلَسْت بِجَانِب طَاوِلَة الْسَّكْرَان عَلَى كُرْسِي كَان مُقَابِلَه وَسُلِّمَت عَلَيْه بِيَدِي فَمَد يَدَه وَسَلَّم عَلِي
وَقَال: أَهْلَا وَهَل تَعْرِفُنِي حَتَّى تُسْلِم عَلَي
فَقُلْت لَه: بَل وَاللَّه إِنِّي أَخُوْك و إِنِّي أَنَا وَأَنْت مِن ذُرِّيَّة رَجُل وَاحِد وامْرَأَة وَاحِدَة وَمَن ثُم أَخَذْت الْرَّجُل الدَّهْشَة مِن قَوْلَي
وَقَال لِي وَهَل جُنِنْت: فَكَيْف تَكُوْن أَخِي وَأَنَا لَا أَعْرِفُك
فَقُلْت لَه: أَلَسْت أَنَا وَأَنْت مِن ذُرِّيَّة رَجُل و امْرَأَة وَهُو أَبُوْنَا آَدَم و أَمْنَا حَوَّاء وَمَن ثُم تَبَسَّم ضَاحِكَا و ارْتَفَع صَوْتُه بِالْضَّحِك عَالِيَا حَتَّى أَضْحَكَنِي مَعَه وَمَن ثُم قُمْت إِلَى الْمَطْعَم فَطَلَبَت لَنَا سَوِياً وَجْبَة عَشَاء و أَقْسَمْت عَلَيْه أَن يَقْبَل عُزَومَتِي وَأَقْسَمْت لَه بِالْلَّه الْعَظِيْم أَنِّي لَا أُرِيْد مِنْه جَزَاءَاً وَلَا شُكُوْرَاً وَقَال: بَل سَوْف أَدْفَع نِصْف حِسَاب الْعِشَاء
فَقُلْت لَه: كَلَّا وَرَبِّي و أَكْرَمْتَه وَتَعَشَّى مَعِي وَلَكِنَّه مَلَأ كَاسَاً مِن الْخَمْر وَيُرِيْد أَن يُعْطِيَنِي مِن بَعْد الْعِشَاء.
فَقُلْت لَه: هَذَا مُحَرَّم فِي دِيْنِنَا.
فَقَال: وَمَا دِيْنُك؟
فَقُلْت: دِيْنِي الْإِسْلَام.
قَال: يَارَجْل كُلُّنَا مُسْلِمِيْن وَلَكِن الْلَّه قَال فَاجْتَنِبُوْا الْخَمْر وَلَم يُحَرِّمْه الْلَّه عَلَيْنَا.
فَقُلْت لَه:
ظَنَنْتُك مَسِيْحِي وِطْلِعِت مُسْلِم بَارَك الْلَّه فِيْك فَلَا تَعْلَم أَن الْإِجْتِنَاب لِمَن أَشَد أَنْوَاع الْتَّحْرِيْم كَتَحْرِيْم عِبَادَة غَيْر الَّلَه
وَقَال الْلَّه تَعَالَى :
{وَالَّذِين اجْتَنَبُوا الْطَّاغُوت أَن يَعْبُدُوْهَا وَأَنَابُوٓا إِلَى الْلَّه لَهُم الْبُشْرَى فَبَشِّر عِبَاد (17) الَّذِيْن يَسْتَمِعُوْن الْقَوْل فَيَتَّبِعُوْن أَحْسَنَه أُوْلَئِك الَّذِيْن هَدَاهُم الْلَّه وَأُوْلَئِك هُم أُوْلُو الْأَلْبَاب (18)}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [الزمر]
وَمَن ثُم قَال الْرَّجُل: إِذَاً الْخَمْر مُحَرَّم كَحُرْمَة أَن نَعْبُد الْشَّيْطَان وتُفَاجِأْت بِه أَخَذ الْقَارُوْرَة وَقَذْفُهُا حَتَّى اصْطَدَمَت بِحَائِط كَان عَلَى مَقْرُبَة بِجَانِب الْطَّرِيْق وَتَكَسَّرَت وَتَنَاثَرَت فِي الْطَّرِيْق وَمَن ثُم قَام وَالتَقَط الْزُجَاج الْمُتَنَاثِر بِيَدَيْه حَتَّى لَا يُؤْذِي الْمَارَّيْن وَذَهَب إِلَى صُنْدُوْق للزُبَالَة كَان عَلَى مَقْرُبَة مِنِّى وَقَذَف بِالزُّجَاج فِيْه وَعَاد وحَبَّنِي عَلَى رَأْسِي وَأَرَاد أَن يَتَنَزَّل لَيُحِب قَدَمَي فَأَمْسَكْتُه
وَقُلْت لَه: إِتَّقِي الْلَّه فَلَا تَفَعَل ذَلِك.
فَقَال: فَبِمَا أَجْزِيَك فَقُلْت لَه جَزَائِي أَن تُنْقِذ نَفْسَك مِن الْنَّار وَتَتُوْب إِلَى الْلَّه مَتَابَا و رَفَع الْرَّجُل يَدَيْه إِلَى رَبِّه وَهُو يُنَاجِيِه وعَيْنَاه تَفِيْض مِن الْدَّمْع فَاسْتَأْذَنَتْه وَلَم يَفُكُّنِي إِلَا بِصُعُوَبَة بَالِغَة وَكَان يُرِيْد أَن أَذْهَب مَعَه الَهُوتِيل الَّذِي يُسَكَّن فِيْه وَكَان لَا يُرِيْد فِرَاقِي.
انْتَهَى
وَمَن ثُم تَذَكَرْت قَوْل رَبِّي:
{ادْع إِلَى سَبِيِل رَبِّك بِالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِي أَحْسَن}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم [النحل:125]
فَتَصَوَّرُوْا يَا إِخْوَانِي الْأَنْصَار لَو إِنِّي حِيْن رَأَيْتُه يَشْرَب الْخَمْر فِي الْشَّارِع قُلْت لَه بِصَوْت مُرْتَفِع إِتَّقِي الْلَّه أَيُّهَا الْسَّكْرَان فَهَل تَرَوْنِي أَسْتَطِع هَدَاه بِهَذِه الْطَّرِيْقَة وَلِذَلِك فَالْتَزَمُوْا بِالْحِكْمَة فِي الْدَّعْوَة إِلَى الْلَّه وَلَا تَكُوْنُوْا مُنَفِّرِيْن وَكُوْنُوْا مُبَشِّرِيْن وَرَحْمَة لِلْعَالَمِيْن يَا أَنْصَار الْمَهْدِي الْمُنْتَظَر يَا مَعْشَر الْدُّعَاة إِلَى الْسَّلام الْعَالَمِي بَيْن شُعُوْب الْبَشَر مُسْلِمُهُم وَالْكَافِر فَوَاللَّه لَا تَهْدُوْن الْأُمَم وَأَنْتُم تَزْجُرُوهُم أَو تَنَهَرُوَهُم أَو تَضَعُوَا الْسُّيُوْف عَلَى أَعْنَاقِهِم كَلَّا وَرَبِّي فَلَن تَهْدُوهُم إِلَا بِالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة كَمَا أَمَرَكُم الْلَّه فِي مُحْكَم كِتَابِه
فِي قَوْل الْلَّه تَعَالَى:
{ادْع إِلَى سَبِيِل رَبِّك بِالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِي أَحْسَن}
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم
فَمَا أَجْمَل أَوَامِر الْلَّه وَمَا أَلْطَف الْلَّه وَمَا أَرْحَم الْلَّه أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن سُبْحَانَه وَتَعَالَى عُلُوّا كَبِيْرَا وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه الْسَّلَام عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَاد الْلَّه الْصَّالِحِيْن.
وَسَلَام عَلَى الْمُرْسَلِيْن وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.
أَخُوْكُم الْإِمَام الْمَهْدِي نَاصِر مُحَمَّد الْيَمَانِي.
صاحب علم الكتاب علمه العزيز الوهاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.